الثورة المصرية الي أين ؟

السلام عليكم

لقد اشتركت حديثا في هذا المنتدي الرائع و اللذي أول ما شدني إليه
هوا إسمه الجميل.
و احب أن اتقدم بالشكر لمن قام بهذا الإختيار و اقول له ، موفق دائما بإذن الله يا أخي.
ثانيا:.
لقد أردت المشاركة فورا بموضوع - أو قل رأي خاص - بعد إشتراكي بالمنتدي.
و يدور رأيي حول طبيعة الثورة و نظامها.

الموضوع:.
[1] جميعنا نعرف أن ثورتنا الحبيبة قد بدأت يوم 25 يناير و أنها قد بدأت في
بدايتها بمجموعة شباب نظموا أنفسهم من خلال حسابات فيس بوك ، ثم أتفقوا علي موعد يوم عيد الشرطة ليكون أول تعبير لهم في الشارع عن آرائهم و ثقافتهم و رفضهم للفساد و رغبتهم في مقاومته.
و نعلم أيضا ماحدث بعدها من تطورات وأحداث سريعة أدت لما يسمي.
( موقعة الجمل )
مما جعل هذه التظاهرة السلمية تتحول إلي مشاركة شعبية من جميع الطوائف
و الطبقات و التيارات الإجتماعية.
تضامنا مع الشباب في مواجهة الآلة الغاشمة للسلطة الفاسدة ، و التي إنتها عمرها الإفتراضي منذ زمن طويل.
و بالفعل:.
سقط أكبر رمز للنظام الفاسد و سقط معه معظم بطانته اللتي كانت تعتبر أعمدة الحكم القمعية.
و بدأت وتيرة الأحداث في تطور جميل كالآتي:
1- عند سقوط النظام أصبحت الدولة بلا قيادة و لم يتبقي إلا الجيش
... و قد كان الجيش هوا الجهة الرسمية الوحيدة الباقية بشكل منظم و منضبط بعد سقوط النظام،
... فكان من الطبيعي أن يتولي الجيش مقاليد السلطة حتي يأتي من يتولاها
... من خلال إنتخابات شرعية للشعب.
2- و لما كان الجيش غير مؤهل للعملية السياسية و جب عليه تشكيل حكومة
... يرتضيها الشعب ،
... و إتفق أن كان السيد/ عصام شرف هوا الشخصية اللتي وقع عليها الإختيار
... حسب رغبة متظاهري التحرير و بموافقة الجيش ،
... و تم تشكيل أول حكومة في ظل الثورة.
3- أصبحت البلاد رسميا و لأول مرة منذ 25 يناير تعتبر في فترة حكم إنتقالية.
... من الثورة إلي نظام حكم جديد ، يتم من خلاله إدارة الدولة و بداية عهد جديد.
[2] و كما نعرف جميعا طبيعة الفترة الإنتقالية ، فهي عبارة عن
( دولة في خطر ).
و يتلخص هذا الخطر في عدة امور أهمها أو بعضها هوا.
1- توجد إتفاقيات خارجية يجب أن تلتزم الدولة بتنفيذها حتي تأتي شخصية
... أو مؤسسة حكم جديدة تبدي رأيها بشأن تلك الإتفاقيات.
2- يوجد قطاع عريض من الشعب عبارة عن موظفين و بحاجة ماسة لمن يضمن لهم
... إستمرار رواتبهم في موعدها كل شهر ، و حتي نهاية الفترة الإنتقالية
... و اللتي من الممكن أن تستغرق شهور أو حتي أكثر من عام.
3- توجد مجموعة مرافق ضخمة بداية من مرفق المياه و الكهرباء و المواصلات
... و الإتصالات و وصولا إلي رغيف العيش ، الذي يعد الطعام الأثاثي لغالبية الشعب.
... كل هذه المرافق بحاجة ماسة و ملحة لمن يضمن سلامتها و إستمرارها في
... أداء عملها كثابق عهدها علي الأقل و حتي نهاية الفترة الإنتقالية
... و ذلك حتي لا تحدث مأساة تتحول إلي مجاعة تؤدي لحرب أهلية
... و بالتالي ضياع الثورة من الأثاث.
[3] تقع مسؤولية هذه الفترة الإنتقالية علي الحكومة المؤقتة و اللتي من المفترض
... أن يكون إسمها
( حكومة تسيير الأعمال )
كما يقال عند وصفها في كثير من البلدان عندما تقوم بتشكيل حكومة في وقت أزمة.
[4] يكون الجيش هوا جهة الرقابة و المراجعة الوحيدة اللتي تعمل علي ضمان
أداء تلك الحكومة لعملها و مهامها بدون إهمال أو تسيب إو إستغلال سيئ للسطلة
في وقت قد غابت فيه كل وسائل الرقابة و جهات المحاسبة تقريبا.
[5] الخطوة التالية و الأخيرة بعد ضمان سير و عمل حكومة تسيير الأعمال
أن يقوم الجيش بفتح باب الترشح لمجلسي الشعب و الشوري
لكي يعطي فرصة لجميع الشخصيات و التيارات السياسية لعرض برامجها علي الشعب
في شكل نزيه و بمنتهي الشفافية.
و تأتي من بعد مجموعة خطوات روتينية هي.
1- قيام مجلس الشعب في أولي جلساته بتشكيل لجنة تقوم بمراجعة الدستور الحالي
... و الوقوف علي أوجه القصور فيه و البت في قرار تعديله أو القيام بعمل دستور جديد
... يعرض علي مجلسي الشعب و الشوري ثم علي الشعب مباشرتا للموافقة عليه حتي
... يتم إعتماده دستورا شرعيا جديد للبلاد.
2- يبدأ مجلس الشعب في تولي مهام مراقبة و محاسبة حكومة تسيير الأعمال
... و يتبقي للجيش سلطات رئيس الدولة فقط.
3- تبدأ مرحلة إنتخابات رئيس الدولة تحت إشراف الجيش و مجلسي الشعب و الشوري
... و بتنظيم و تنفيذ من حكومة تسيير الأعمال ، و حتي نهاية المرحلة و
... وصول أحد الشخصيات عبر منافسة شريفة لمنصب رئيس الجمهورية.
4- بذلك يكون قد إنتهي دور الجيش تدريجيا من المسؤولية الداخلية عن البلاد
... و عودته لمهامه الأثاثية و هي حماية أمن البلاد من أي تهديد أو خطر خارجي
... و لا مانع من منح الجيش صفة مراقب دائم للحياة السياسية
... حفاظا علي إستمرارية أهداف الثورة اللتي قامت من أجلها.
... كما في تركيا مثلا ،
... و ذلك يكون لأن الجيش قد أثبت قدرته علي إدارت العملية السياسية بمهارة
... في أكثر لحظة حرجة مرة بها الدولة ، و هي الفترة الإنتقالية
... و لذا السبب يكون له الحق و تقع عليه المسؤولية في عدم عودة البلاد لحالة الفساد
... و تردي الأوضاع و اللتي قامت بسببها الثورة بشكل رئيسي.
[5] الآن و بعد التعمق في كل ما سبق إتضح لنا الآتي:
1- عرفنا أن المجلس العسكري و حكومة تسيير الأعمال هم جهات حكم مؤقتة جائت للسلطة في ظروف فرضتها تلك الفترة الإنتقالية.
2- إذا لا يوجد أي جهة رسمية دائمة لها الحق في إحداث أي تغيير جوهري للدولة
... علي المستوي الخارجي أو الداخلي.
3- من الناحية الخارجية:
......................... 1- لا يحق لأحد إبداء الرأي في علاقتنا بدول الجوار مثل
............................. السعودية و فلسطين و إسرائيل
............................. و ما بعدها مثل إيران و أمريكا و باكستان.
......................... 2- لا يحق لأحد عمل أي تغيير في معاملاتنا التجارية أو العسكرية أو السياسية
............................. مثل إلغاء إتفاقية الغاز أو كامب ديفيد المبرمتان مع إسرائيل ،
............................. أو إعلان حالة الحرب.
... لأن هذه الامور و كما نعرف لها تبعيات و آثار طويلة الأمد و بحاجة لمن يتحمل مسؤوليتها
... علي المدي القريب ثم البعيد.
4- من الناحية الداخلية:
........................ 1- لا توجد جهة لها الحق في القيام بإصلاحات إقتصادية تتطلب تغيير طبيعة
............................ إقتصاد الدولة مثل بيع شركات أو بنوك أو مرافق حيوية.
........................ 2- لا توجد جهة لها الحق في وضع برامج طويلة الأمد تحدد بأي شكل
............................ أو وجه الإنفاق ،
............................ لأنها و بذلك تضع العراقيل و الصعوبات أمام أي سلطة قادمة
............................ لأننا لا نعرف الي اي مدي وصل حال الدولة من الإنهيار الإقتصادي
............................ مثلا: لو قامت حكومة تسيير الأعمال بزيادة الرواتب و الأجور الي ثلاثة أضعاف
............................ حجمها المتعارف عليه في نظام الحكم السابق.
............................ ثم جائت السلطة الجديدة و رأت بعد الدراسة و البحث أن الدولة في حالة دين و عجز
............................ إقتصادي شديد يتطلب المرور بمرحلة تقشف و ترشيد الإنفاق حتي يتم إصلاح
............................ ما فسد أيام العهد السابق و اللحاق بركب التقدم الذي فاتنا منه الكثير
............................ مثل التكنولجيا الحديثة في مجال البحوث الطبية و الزراعية و شبكات
............................ المواصلات و غيرها من المشاريع الضخمة و اللتي سوف تتكلف المليارات
............................ فكيف سيتم ذلك إذا كان حجم الإنفاق قد تضاعف في الفترة الإنتقالية عن سابقها
............................ عدة مرات.
............................ و إذا كنا نراهن علي الأموال المهربة الي الخارج و عودتها فقد عرفنا جميعا
............................ مدي صعوبة و طول هذا الأمر لأنه بحاجة لتحقيقات و مداولات و بحث و تقصي
............................ لمصادر و أماكن تلك الأموال.
............................ و لن ننتظر بالطبع أن يقوم من أمضي حياته في جمع هذه الأموال من سرقة مال
............................ الشعب بتسليمها لنا بمجرد أن تتوافر جهة رسمية لها الحق في المطالبة بتلك الأموال
............................ بإسم الشعب.
حتي هذه النقطة كان كل شئ يسير بشكل صحيح و نحو تغيير حقيقي لنظام دولة
و نهاية عهد عفي عليه الزمن و بداية عهد جديد مليئ بالوعود و الآمال البراقة و المشرقة.
لكن:
للأسف بدأ إنحراف الثورة عن مثارها مع أول مظاهرة فئوية تطالب بمصالح خاصة
سواء كانت المطالبات تخص أشخاص بعينهم
أو مطالب تخص بعض المهن بشكل عام.
و يأتي وجه إنحراف هذه المطالب كالآتي:
1- المطالبة بزيادة الرواتب و الأجور بالرغم من علمنا أنه لا يوجد الآن من يتحمل مسؤولية هذه الزيادة.
2- المطالبة بفتح التحقيق مع رموز الفساد في النظام السابق ، و عدم الإكتفاء بوضعهم تحت الإقامة الجبرية
... أو حبسهم في أحد السجون و تجميد أموالهم و أرصدتهم في بنوك الداخل والخارج و التحفظ علي جميع
... ممتلكاتهم ، و ذلك حتي تتوفر جهة شرعية تبدأ المحاكمات تحت إشرافها و علي مسؤوليتها.
3- المطالبة بحقوق قتلي و مصابين التحرير و التحقيق مع المجرمين ،
... و كانت هذه بمثابة نكتة عجيبة هي عبارة عن قيام دولتان بالصراع علي شئ ما ثم توقف الطرفان
... قبل نهاية الحرب لتبادل الأسري ، بالرغم من الإحتمال الأكيد لوقوع قتلي و أسري جدد
... طالما أن الحرب لم تنتهي ، و لم يتحدد بعد من المنتصر و من الخاسر أو المهزوم.
[6] كل هذه المطالبات و غيرها الذي أتي في غير وقته المناسب و قبل أوانه
كانت السبب في تعثر الثورة و تعطلها بعض الشئ عن مراحلها المفترضة و المتوقعة
مما تسبب في فشل حكومة شرف بالرغم من أنه جاء بموافقة الجميع و مباركتهم.
قد يقول قائل بأن فشل حكومة شرف يرجع لعدم منح الجيش له سلطات كافية تؤهله للقيام بمهامه
و لكن يقع صاحب هذا الرأي في خطأ تحديد هذه المهام
فكما عرفنا أن مهمة حكومة شرف في الأثاث هي تسيير أعمال الدولة حتي نهاية المرحلة الإنقالية
و علي حد علمي أن ما كان لدي شرف من سلطات كان يكفي تماما لأداء مهامه علي أكمل وجد
لولا الدخول في مهاترات التحقيق مع رموز الفساد و زيادة الاجور و غيرها من المطالب
اللتي لا يصلح للتصدي لها مجلس الحكومة و لا حتي المجلس العسكري.
-----------------
أخيرا أقول ياريت نكون قد إستوعبنا الدرس و انتبهنا قبل فوات الأوان
لتدارك ثورتنا و إنقاذها من الفشل
و عدم الوقوع في دوامة حرب أهلية مثل الصومال.
بل تكون ثورتنا ناجحة مثل تلك الثورات اللتي قامت في تركيا و إيران
حتي و إن إختلفنا معهم في الفكر و التوجهات فإنهم في النهاية أصحاب ثورات ناجحة
لا يمكن إنكارها.
أرجوا أن تكون رسالتي قد وصلت و أكون قد نجحت بتوفيق الله و عونه في توضيح وجهة نظري
و الأهم من وصول رسالتي للجميع هوا ، وجود من يتأثر بها و يبدا في التفاعل معها و محاولة حماية
الثورة من اي تخريب و تعطيل ، و بلاش مكاسب سريعة و رخيصة هاتضيع بسرعة مع أول
مع أول رد فعل لتوابعها اللتي سوف تتسب بها ، و تكون سبب و لو غير مباشر في ضياع الثورة كلها.