القول الفصل

عن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله ثم استقم رواه مسلم. .


--------------------------------------------------------------------------------


أيضا، هذا الحديث عن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: "قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام" يعني في عمود الدين "قولا" جامعا "لا أسأل عنه أحدا بعدك" قال: قل آمنت بالله ثم استقم وصية جامعة لم تبقِ شيئا، ونظيرها في القرآن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ؛ رَبُّنَا اللَّهُ هذا يتضمن الإيمان بالله.

والرب يدخل في معناه المالك المنعم المعبود؛ كلها داخلة قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ وقوله صلى الله عليه وسلم لسفيان رضي الله عنه: قل آمنت بالله هذا مثل قول من ذكر الله أنهم قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ هذا يتضمن الإيمان رَبُّنَا اللَّهُ يعني هو معبودنا، إلهنا المدبر لأمورنا وأمور جميع العالم، وهذا الإيمان يتضمن عبادته -إفراده بالعبادة- يعني هذا هو مقتضى الإقرار بربوبيته وإلهيته؛ مقتضاه تخصيصه بالعبادة والبراءة من كل معبود سواه، يتضمن كذلك طاعته.

فهذه الكلمة رَبُّنَا اللَّهُ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ وقول قائل:" آمنت بالله" يعني آمنت به ربا وإلها، ومعبودا مطاعا، فيدخل فيه جميع ما يجب لله اعتقادا وعملا، قال: ثم استقم يعني استقم على ذلك واثبت حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك.

كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يعني استقيموا على الإسلام حتى يأتيكم الموت وأنتم عليه، وأنتم مسلمون وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ استقامة، فالاستقامة تتضمن أولا: لزوم الصراط المستقيم وعدم الانحراف بلا إفراط أو تفريط، استقامة على الطريق تتضمن عدم الانحراف إلى بنيات الطريق يمنة أو يسرة.

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ اتباعه يكون بالسير عليه والاستقامة عليه وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ وتتضمن الاستمرار، فالرجوع والنكوص على الأعقاب هذا ضد الاستقامة، استقامة يعني يقتضي الاستمرار والانحراف بلا إفراط أو تفريط؛ إفراط يعني بالابتداع، تفريط بالتقصير، بترك واجب، أو فعل محرم، كل هذا ضد الاستقامة "استقم".

وهذا المعنى يعني أن الناس على مراتب؛ من الناس من يكون مستقيما كل الاستقامة، ومن الاستقامة أنه إذا كانت هناك زلة وعثرة ومعصية، بادر إلى التوبة هذا من الاستقامة، من مقومات الاستقامة قل آمنت بالله وكي يقول: إن قوله: "آمنت بالله" أو رَبُّنَا اللَّهُ يعني يتعلق بجانب الاعتقاد يعني إيمان، والاستقامة تتضمن جانب العمل فيساوي يعني قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا أو قوله صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله ثم استقم يكون من جنس: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ .

الإيمان أصله الأعظم الإيمان بالله، والعمل الصالح هو الذي تكون به الاستقامة، فتضمنت هذه الوصية الوصية بسبب السعادة والنجاة والفلاح؛ من الاعتقادات الصحيحة والأعمال الصالحة والثبات على ذلك، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ الهداية التي أمر الله بسؤالها في كل ركعة تتضمن هذا المعني؛ تتضمن الإيمان، وتتضمن الاستقامة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .

فهذا الحديث كما ذكر العلماء، وكما هو ظاهر هو من جوامع الكلمة وصية جامعة؛ وتفصيلها يعلم بكتاب الله وسنة رسوله من بيانه تعالى وتفصيله في القرآن، يعني أنه تعالى فصل لعباده ما شرع لهم، ما أوجب عليهم، ما حرم عليهم، فصل ذلك وبينه. نعم يا شيخ ...سليمان.