مجتمع مدني: حين يتزوج الأبناء من دون موافقة الأهل

مجتمع مدني: حين يتزوج الأبناء من دون موافقة الأهل

يقال ان من يحب شخصاً يرى عيوب حبيبه بعيون معصوبة وإن رآها فيجد لها تبريراً وإن سمع عنها

يصم آذانه ويتهم من يبلغه بها بالغيرة والحسد او الحقد احيانا....وهكذا، يرتبط الحبيب بحبيبه وعندها،

تزال الغشاوة وتظهر العيوب فيندم أشد الندم ويعترف بخطأ اختياره او لايعترف خوفا من اللوم او

الشماتة..هذا لو كان الزواج قد تم بقبول ورضى الأهل فكيف اذاً لو تم من دون موافقتهم؟هل سيجد

الطرفان عندها الشجاعة الكافية للاعتراف بالخطأ وطلب الانفصال، وهل سيجدون من يقف الى جانبهم

من الاهل بعد ان عملوا على تحديهم بطريقة سافرة؟.

تتكرر هذه الظاهرة كثيراً مؤخراً فأغلب الشباب يجدون ان متطلبات الحياة المعاصرة تمنعهم من

الإنصياع الى آراء الأهل وتدفعهم الى اختيار شركائهم بانفسهم لكن خبرة الأهل ونظرتهم البعيدة قد تجنب

الأبناء احيانا الوقوع في الخطأ فهل سيستمعون اليهم؟

(س.ع) امرأة في نهاية العقد الثاني من عمرها، لها طفلة واحدة، تعتقد ان كل فتاة عليها ان تأخذ رأي

اهلها قبل الإقدام على خطوة الزواج...تقول: تعرفت على زوجي من خلال عملي في احدى الدوائر

وكان مطلقاً وله طفلان...قررنا الارتباط ولم يلق هذا القرار استحساناً من اهلي وأهله ايضا، فأهلي كانوا

يرفضون لأن له تجربة سابقة واطفالاً، واهله يعارضون لرغبتهم في عودته الى زوجته الأولى واولاده.

بعد محاولات مستميتة لأقناع الأهل بهذا الزواج تمت الخطبة على مضض، ولكن لم تكن فيها راحة

للطرفين فقد كان الأهل مصرين على عرقلة الزواج بأي طريقة لكننا لم نلتفت لهم وتزوجنا وانجبت

طفلتي وهنا شعرت بان كلام والدتي كان صحيحاً فزوجي غير مناسب لي وهو لا يتحمل أي مسؤولية

ويريد ان يعيش لنفسه فقط، كما ان عيوبه كلها ظهرت وكثرت المشاكل بيننا وافكر اليوم بانني كان ينبغي

عليّ التريث والتفكير في ما قاله اهلي لي، لأن رأيهم أصوب وخبرتهم اوسع من خبرتي.

إحساس بالنقص

(ف.ت) ام لطفلين في بداية العقد الثالث من عمرها، تزوجت ايضا بعد معارضة شديدة من اهلها...تقول:

تقدم زوجي لخطبتي وكان متزوجاً وله ثلاثة اطفال وعارض والدي هذا الزواج معارضة شديدة وقال: ان

مستواه الاجتماعي والعملي لا يناسبنا اذ لم يكمل المرحلة الثانوية بينما اكملت دراستي الجامعية اضافة

الى تجربته الفاشلة في الزواج..كنت اراه بعين العاشقة، ولذا قاومت اهلي وحاولت الإنتحار لأرغم والدي

على الموافقة لكنه اكد لي بعد موافقته انه سيقاطعني وسيمنع امي وشقيقاتي من زيارتي وبالفعل، فقد امتنع

اهلي عن زيارتي بعد زواجي مباشرة، وبرغم اني عشت اياما سعيدة في البداية إلا اني لم اتمكن من ردم

الهوة التي ظهرت بين مستواي الثقافي والاجتماعي ومستوى زوجي خاصة وانني طموحة ومتفوقة

وحاولت ان ادرس الماجستير لينكشف وجه زوجي الحقيقي واحساسه بالنقص والذي تحول الى معاملة

عنيفة وإهانات وضرب وهي الصورة التي حذرني منها والدي كثيرا.

المشكلة انني مازلت عاجزة عن مصارحة والدي بعذاباتي خشية لومه اضافة الى معاناتي من انقطاع

اهلي عني وانا بامس الحاجة اليهم.

نصائح مهمة

تنصح الباحثة الأجتماعية (ايمان عبد الحسين) الشباب قائلة: الزواج مؤسسة قائمة على الود والإحترام،

ولا يكفي الحب لنجاح علاقة زوجية مالم يكن هذا الحب قد تأسس على اركان ثابتة تطيل في عمره،

وعدم موافقة الأهل ليس مبرراً لزواج الشباب سراً او مرغما عن اهلهم؛ لأن رؤية الأهل لمستقبل الزواج

اكثر وعيا ونضجاً من رؤية الأبناء..فالزواج من دون رضا الأهل لايجرّ على اصحابه سوى الندم والويل

والهوان، وسياسة فرض الأمر الواقع في الزواج فاشلة وتنعكس سلباً على الطرفين. ومن جهة اخرى،

كثيرا ما ينعكس هذا الزواج على شقيقات الفتاة المتزوجة من دون رغبة اهلها، بأن يبتعد عنهن الخُطّاب،

لذا ننصح جميع الشباب بألا يندفعوا بمفردهم لأتمام هذا الزواج بل ان يوسطوا اهل الخير والمشورة

لإقناع اهلهم.

وتقول الباحثة النفسية (ذكرى محمود): ان هناك علاقة طردية بين التوازن النفسي لدى الفتاة وبين

علاقتها بأسرتها فاذا كانت هذه العلاقة قوية ومتماسكة يسودها الاحترام المتبادل والتمسك بالقيم فأن الفتاة

ستكون مستقرة نفسيا وتخشى غضب اسرتها منها، بل انها تسارع الى ارضائهم بكل السبل واشراك

الوالدين في كل مشكلاتها حتى العاطفية منها لإيجاد حل عقلاني لها. والعكس صحيح فاذا كانت الأسرة

ممزقة ولا توجد صلة بين الآباء والبنات فان هذا يشعر الفتاة بأنها لابد ان تخرج عن سلطة الأسرة

خصوصا اذا كانت مدللة او تعاني من القسوة والحرمان، وتتحول الفتاة الضائعة الى صيد سهل لأي

تجربة عاطفية تظن انها المخرج من ازمتها النفسية، ولو تأملنا هنا لوجدنا الفتاة ضحية والديها...واذن

يجب ان يسعى الآباء الى إقامة علاقة صراحة وثقة متبادلة مع بناتهم وابنائهم ليضمنوا مصارحتهم لهم

بكل شيء ومناقشة امور الزواج بشكل ناضج ليقتنع الأبناء بآراء آبائهم او العكس اذا كان احد الطرفين

محقاً وله حجج قوية ومقنعة.

المصدر

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شكرا لمرورك الطيب

» اشكال فى تنفيذ حكم مدني
» فضل الوالدين على الأبناء
» حقوق الأبناء على الآباء
» الأبناء في الإسلام الحقوق والواجبات
» العلم يقدم أهل العلم، ويرفع أهله في كل مجتمع