العنصرية تجتاح ملاعب أوروبا
العنصرية فى الملاعب الاوروبية
إعداد: أشرف شلقامي
في الوقت الذي كانت فيه قضية العنصرية مثار جدل وتأويلات مختلفة وانسحابات واحتجاجات في مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية في جنيف، والمعروف باسم "دربان 2"، أطلت العنصرية بوجهها البغيض أيضا على ملاعب كرة القدم العالمية لتؤكد أنها ما زالت واحدة من أبرز المشكلات التي تشوه الروح الرياضية وسمو معانيها على الرغم من الحملات الدعائية المتتالية لمحاربتها.
وتعرف الملاعب الأوروبية على وجه الخصوص العنصرية أكثر من غيرها، جراء غزو لاعبي كرة القدم الأفارقة والأمريكيين الجنوبيين والعرب للأندية الأوروبية، وأصبحوا جزءاً من عملية الاندماج المستمرة وقبل وأثناء المباريات، حيث يقوم مؤيدو بعض الأندية بإطلاق هتافات ضد اللاعبين السود والتلفظ بعبارات عنصرية، حفلت بها ملاعب كرة القدم .
العنصرية فى ايطاليا
ماريو بالوتيللي المهاجم الإيطالي من أصول إفريقية صاحب البشرة السمراء تحول في الفترة الماضية إلى رمز لقضية العنصرية في ملاعب الكرة الأوروبية بصفة عامة والإيطالية بوجه خاص، بعد أن فاقت الهتافات والمضايقات العنصرية التي يتعرض لها في معظم المباريات كل الحدود، وتحولت إلى ما يشبه الموضة أو اللعبة التي يعشق البعض الترفيه عن نفسه بها.
بالوتيللى
ففي مباراة قمة الدوري الإيطالي الأخيرة بين يوفنتوس وإنتر ميلان على استاد تورينو الأوليمبي - معقل اليوفنتوس - تعرض بالوتيللي مهاجم الإنتر لهتافات عنصرية جديدة تمس لون بشرته السمراء، على الرغم من أن هذا اللاعب يعد من أبرز نجوم الدوري الإيطالي في الموسم الحالي، ويلعب لنادي الإنتر متصدر المسابقة، فضلا عن أنه لاعب دولي في منتخب إيطاليا للشباب تحت 20 عاما. وبات الطريق مفتوحا أمامه لتمثيل منتخب إيطاليا الأول ليكون أول لاعب أسمر يدخل تشكيلة المنتخب "الأزوري".
وتعرض بالوتيللي خلال المباراة لصفافير استهجان وأصوات صراخ تعبر عن الازدراء من جانب قطاع كبير من جماهير يوفنتوس التي كانت تملأ الاستاد الأوليمبي في تلك المباراة التي انتهت بتعادل الفريقين بهدف قاتل أحرزه بالوتيللي نفسه، ليضع فريقه الإنتر في صدارة المسابقة بفارق شاسع عن منافسه يوفنتوس وصل إلى عشر نقاط، مما يعني أن الإنتر بات من الناحية العملية بطلا للدوري الإيطالي للموسم الحالي.
وبعد المباراة بـ48 ساعة فقط، وبعد أن وصفت الصحف الإيطالية الصادرة في اليوم التالي ما حدث بأنه "عار قومي"، أصدر قاض رياضي إيطالي قرارا بمعاقبة نادي يوفنتوس بخوض مباراة واحدة على ملعبه بدون جمهور بسبب هذه التصرفات العنصرية الساخرة ضد لاعب الإنتر، مما يعني أن اليوفي سيلعب مباراته المقبلة أمام ليتشي في 3 مايو/ أيار 2009 في الاستاد الأوليمبي أيضا بدون جمهور، علما بأن النادي الذي يطلق عليه لقب "السيدة العجوز" يخوض صراعا شرسا مع منافسه الميلان للفوز بالمركز الثاني خلف الإنتر.
العنصرية فى الدورى الانجليزى
سول كامبل
وفى الملاعب الانجليزية، شن النجم الإنجليزى المخضرم سول كامبل مدافع بورتسموث الإنجليزي هجومًا عنيفًا على الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» والاتحاد الأوروبى «الويفا» باعتبارهما المسؤولين عن إدارة كرة القدم فى العالم لعدم سيطرتهما على الهجوم العنصرى ضد اللاعبين خلال المباريات، واتهمهما بعدم اتخاذ عقوبات صارمة لردع الجماهير التى تتعمد الهتاف العنصرى ضد بعض اللاعبين فى الملاعب الأوروبية خصوصًا إنجلترا.
كانت ظاهرة العنصرية قد عادت للظهور من جديد هذا الموسم وبقوة فى الدورى الإنجليزى بعدما تعرض النجم المصرى أحمد حسام ميدو مهاجم ميدلسبرة الإنجليزى المعار إلى ويجان، لهتافات عنصرية من قبل جماهير نيوكاسل أثناء مشاركته مع فريقه السابق ميدلسبرة فى مباراة الدور الأول من هذا الموسم.
ميدو
وتم إلقاء القبض على شخصين من مثيرى هذا الهجوم، إلا أن العقوبات جاءت ضعيفة لا تكفى لردعهما ومنعهما من تكرار هذا الهجوم، ونفس الأمر تكرر مع بعض لاعبى تشيلسى خلال مباراة برينلى فى كأس إنجلترا، عندما هاجمت الجماهير بعض لاعبى «البلوز» لمجرد أن لون بشرتهم أسمر، وفى مباراة أرسنال وتوتنهام بالدوري قامت بعض جماهير أرسنال بوصف بعض لاعبى توتنهام بـ معاداة السامية».
طالب كامبل الذي سبق تعرضه لهتافات عنصرية أكثر من مرة طوال مشواره مع كرة القدم، بخصم نقاط من النادي الذي تهتف جماهيره بعنصرية ضد لاعبي الفرق الأخرى، مشيرًا إلى أن الأمر أصبح محرجًا أمام العالم، وطالب الفيفا والويفا بضرورة التدخل لإنهاء تلك الأزمة.
وقال قائد بورتسموث إن الحل الوحيد للقضاء على تلك الظاهرة هو خصم نقاط من الفرق التى تهتف جماهيرها بعنصرية، خصوصًا إذا كانت فى بطولة الدوري مثلاً أو دوري أبطال أوروبا مما يهدد جماهير هذا النادي بفقد فريقهم الصدارة إذا كان على قمة الدوري أو الهبوط مثلاً للدرجة الثانية، وبالتالي لا تقوم الجماهير بهذا الفعل مرة أخرى.
الملاعب الفرنسية
كانت الظاهرة قد عصفت بالملاعب الفرنسية عندما تعرض المدافع الغاني جون مينساه، لاعب ليون الفرنسي، لهتافات عنصرية خلال مباراة لوهافر فى الدوري، وأراد مينساه مغادرة الملعب بين شوطي المباراة، لكن مدرب فريقه كلاودي بويل وزميله عبدالقادر كيتا طلبا منه العودة إلى الملعب، وكانت النتيجة هى حصول مينساه على إنذارين سريعين ليغادر الملعب رغمًا عن أنفه، تاركًا مدربه يلوم نفسه
بالقول «كان يجب أن أخرجه من الملعب قبل ذلك».
جون منساه
وبعد طرده، أكد مينساه أنه كان يفكر في أمر واحد، فقط وهو العودة إلى غانا لوضع نهاية لكل ذلك، وتقدم مينساه بشكوى لشرطة ليون حول الهتافات العنصرية التي تعرض لها. وكشفت التحقيقات أن مشجعا لفريق لوهافر هو الذي أصدر الهتافات العنصرية وتم إلقاء القبض عليه سريعًا. وأشارت تقارير صحفية إلى أن فرنسا شهدت العديد من الحوادث العنصرية فى كرة القدم خلال المواسم الماضية، وفى عام ٢٠٠٨ وقع ١٤ حادثًا تم تسجيلها بدفاتر الشرطة.
جماهير إسبانيا تصف الأفارقة بالقرود
وفي حادثة أخرى، رفع الجمهور الإسباني لافتات عليها عبارات ورموز عنصرية على حلبة كاتالونيا، ضد البريطاني الأسمر لويس هاميلتون سائق سيارات الفورمولا 1 تصفه بـصاحب الفم الكبير. وأعادت هذه الحادثة فتح ملف لم يكن قد أغلق بعد بين إسبانيا وإنجلترا اللتين عادتا لتتقاذفا التهم عبر وسائل الإعلام،
لتعود إلى الذاكرة جولاتهما بعد أحداث ملعب «سانتياجو برنابيو» خلال المباراة الودية بين المنتخبين الإسباني والإنجليزي، حيث وجه المشجعون الإسبان إهانات عنصرية إلى لاعبي إنجلترا شون رايت فيليبس وأشلي كول، وكان يقابل كل منهما بأصوات تشبه أصوات القرود فور تسلمه الكرة.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» فرض وقتها غرامة بلغت 60 ألف يورو على الاتحاد الإسباني بسبب الإيذاء المعنوي الذي تعرض له لاعبو إنجلترا. كما أدينت جماهير نادي ريال مدريد بعد هذه الواقعة مباشرة بالعنصرية، لأنها قامت بأداء التحية النازية تجاه لاعبي باير ليفركوزن الألماني في مباراة الفريقين ضمن دوري أبطال أوروبا، وردّدت الجماهير الإسبانية الهتافات العنصرية ضد لاعبين ملوّنين في الفريق الألماني. ثم انتقلت العدوى إلى ملاعب أخرى، منها ملعب «روماريدا» الخاص بريال سرقسطة الذي شهد إساءة عنصرية استهدفت مهاجم برشلونة الكاميروني صامويل إيتو، حين أطلقت الجماهير هتافات تقلّد أصوات القرود، كلما وصلته الكرة في المباراة، وكان إيتو قد هدد بمغادرة الملعب بعد هذا التصرف، وألقيت حبات فول سوداني على الملعب بعدما سجل أحد الأهداف، وقد احتفل إيتو بتقليد حركات القرود.
undefined
ايتو
وقال حينها "رقصت بعد تسجيل الهدف مثل قرد لأنهم عاملوني كقرد". واعتبر إيتو أنه كان من الأفضل إغلاق ملعب الفريق لعام واحد كي يضطر الفريق إلى خوض المباريات كضيف لمدة عام.
إجراءات صارمة ضد العنصرية
من جهته دعا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى تبني إجراءات صارمة ضد العنصرية في ملاعب كرة القدم، غير مستبعد إيقاف المباريات إذا رددت الجماهير هتافات عنصرية. وأدت العنصرية إلى تصريح الفرنسي ميشيل بلاتينى رئيس الاتحاد "نتمنى أن يتم وقف المبارايات لمدة 10 دقائق إذا ما رددت الجماهير هتافات عنصرية مع وضع إعلانات فى الملاعب بأنه سيتم إلغاء المباريات حال استمرار هذه الهتافات".