الأهلى كان سيئًا جدًا أمام سانتوس ولم يخسر متعمدًا

البعض رأى خيالات ولم يشاهد الحقائق التى وقعت على ساحة الملعب الأخضر فى لواندا أمام فريق سانتوس الأنجولى. وكان من أخطر الخيالات أن يرى هؤلاء أن الأهلى تعمد الهزيمة أمام سانتوس ليرتاح فريقه أو أن الخسارة فيها إيجابيات، وأهمها أن اللاعبين سوف يحصلون على راحة.. ثم تأتى النكتة التى لا تصدق، وهى أن يرى البعض أيضا أن الهزيمة اسمها الخائن جوزيه (كان بطلا عند هؤلاء منذ ساعات)، وأنه ظل ساكتا عن المهزلة التى تجرى بالملعب ولم يتدخل لأنه سوف يدرب منتخب أنجولا.. وأن فلافيو تعمد الإطاحة بضربة الجزاء.. وفى تلك الأوهام نجد اتهامات خطيرة:

أولا: أن الأهلى قلعة المبادئ والقيم، يتعمد الخسارة، وهو بذلك يرتكب جريمة، ويستوجب التحقيق من جانب إدارة النادى مع اللاعبين والجهاز الفنى لو كان ذلك صحيحا، لكنى لا أظن أن لاعبى الأهلى وجهازهم الفنى تعمدوا الخسارة ..كما يظن المتخيلون!

ثانيا: تلك الافتراضية تعنى أن هؤلاء الذين افترضوها يمارسون العنجهية فى أعلى صورها، فهم يقولون إن الأهلى فريق لا يخسر سوى بإرادته.. وهذا غير صحيح بالقطع!

ثالثا: اتهام جوزيه وفلافيو بالتواطؤ، يجسد نظرية المؤامرة الساذجة، وهؤلاء أمرهم عجيب جدا، لأن جوزيه كان بطلهم العبقرى قبل يوم، فكيف يصبح البطل خائنا بعد يوم؟!

رابعا: يؤسفنى أن الذين يرددون تلك الخيالات والأوهام يلعبون على وتر إرضاء بعض جماهير الأهلى التى ترى أن فريقها فوق الهزيمة، والمؤكد أن أصحاب هذا الخيال الواسع لم يشاهدوا المباراة جيدا.

وهذا هو دليلى على أنهم يشهدون بما لم يروه :

1ــ كان فى تشكيل الأهلى كثير من الغرور وقليل من الحذر، فلعب مانويل جوزيه برأسى حربة وهما أسامة حسنى وفلافيو، معتمدا على الفوز بثلاثة أهداف فى القاهرة، ولعب بغرور معتمدا على المستوى الهزيل الذى ظهر به فريق سانتوس فى مباراة الذهاب.. وكان جوزيه بغروره هذا وشطحاته أحيانا يرغب فى تحقيق فوز استعراضى ينهى به رحلته مع الأهلى، تماما كما يحدث فى ختام العرض المسرحى وقبل أن يسدل الستار، حين يصل العرض إلى الذروة ويتوجه الممثل البطل بخطبة تجسد الرسالة المقصودة فى العرض.

2 ــ هذا التشكيل المغرور لمانويل جوزيه غاب عنه فى الوسط اللاعبون البنائون، الذين يبنون الهجمات، وكان الغياب بسبب المنتخب، كما فى حالة أبوتريكة أو بالتشكيل، كما فى حالة أحمد حسن الذى يقوم بالدورين الدفاعى والهجومى فى الوسط بنسبة متساوية 50٪ فكانت النتيجة أن أسامة حسنى وفلافيو لم يتسلما كرة، من إينو وفتحى وعاشور، وتراجعا للحصول عليها، فلا تسلماها، ولا حصلا عليها، وبقى صندوق سانتوس خاليا طوال الوقت!

3 ــ الغرور والاستهتار انتقلا إلى لاعبى الأهلى بالعدوى من المدرب، لكن الأمر لم يكن فقط تعاليا وغرورا وظنا بسهولة المباراة، وإنما شعور فائق بالإجهاد، وعدم القدرة على ملاحقة سرعة لاعبى سانتوس، وهناك فارق بين عدم الرغبة فى الفوز، وعدم القدرة على تحقيق الفوز وهو الخيط الرفيع الذى يفصل بين التواطؤ وبين العجز، ودليل هذا العجز أن كل لاعب فى الأهلى خسر السباق مع نظيره الأنجولى، سباق السرعات أو الالتحام، أو الضغط أو التغطية. خسر لاعبو الأهلى تلك السباقات أمام الطاقة القصوى التى لعب بها لاعبو سانتوس، فالقضية هناك أيضا كيف لعب المنافس؟!

4 ــ قلت كثيرا إن مانويل جوزيه يظهر عقله وتظهر موهبته التدريبية فى المباريات الصعبة.. ولأنه ظن أن مباراة سانتوس فى لواندا سهلة، ولأنه أيضا خاضها بغرور، فإن عقله ظل غائبا من بدايتها حتى نهايتها، فعندما سجل سانتوس هدفه الأول فى الدقيقة 26 من المباراة، كان يجب عليه أن يجرى تغييراته التكتيكية فى الملعب، فيسحب حسنى، ويدفع بأحمد حسن بدلا من سحب إينو، وعندما شاهد الضغط الأنجولى طوال المباراة لم يتحرك أيضا ظنا منه أن سانتوس بالعشوائية التى يلعب بها لا يشكل خطرا، واكتشف فى النهاية أن الخطر ظل قائما وعجز عن مواجهته!

5 ــ فى إدارة جوزيه لركلات الجزاء الترجيحية استبعد أحمد حسن من الخمسة الأساسيين، وهو الأول فى ترتيب التسديد بالمنتخب.. وبغض النظر عن إضاعة فلافيو لضربته، فهو يسجل أحيانا بقدميه.. ثم إن جيلبرتو الأنجولى أحرز هدفا من ضربته، لكن يبدو أن الخطأ هنا أن فلافيو لم يلعب ركلة الجزاء برأسه!
ولاشك أن رمزى صالح يستحق السؤال قبل أن نسأل فلافيو، حيث إن حارس الأهلى ظل يتجه إلى نفس الزاوية فى الركلات الأنجولية ولم يغير من الزاوية، وتلك مسألة تتعلق بالخبرة وربما بالمستوى، لكن هل يتهم رمزى أيضا بالتواطؤ وقد اهتزت شباكه خمس مرات فى ركلات الجزاء ؟!

حين انتهى الموسم وتوج الأهلى بطلا للدورى، سجلت فى اليوم التالى مباشرة ما يلى: «يبقى أن فوز الأهلى باللقب الرابع والثلاثين فى تاريخه، والخامس على التوالى يؤكد قوة هذا الفريق الذهنية، وصلابته، فلا يأس، ولا استسلام، لكن لا يجب أن يكون هذا الفوز حاجزا يحجب الرؤية فى حتمية تطوير وتدعيم الفريق، فهناك مراكز تحتاج الدعم.. بالتأكيد»!

لست من الذين ينتظرون نتائج مباريات أو بطولات لبناء رأيى فى أداء لاعبين أو فريق، أو مدرب!

لقد خسر الأهلى وخرج من الكأس الكونفيدرالية لأنه لعب مباراة سيئة جدا أمام سانتوس الأنجولى، لعلها أسوأ مبارياته الأفريقية، وكانت إدارة مانويل جوزيه للمباراة أسوأ من أداء لاعبيه، فهو حتى لم يحفزهم ولم يضع أمامهم الدوافع التى تحمسهم، فكانوا بلا روح ولا تصميم فى مواجهة فريق يمتلك أهم أسلحة كرة القدم وهو إرادة الفوز.. ولو كان صحيحا أن لاعبى الفريق تعمدوا الخسارة بحثا عن الإجازة فإن الأمر يستحق التحقيق، أما محاولة إشاعة أن الأهلى خسر «بمزاجه» بدلا من الاعتذار عن البطولة.. فهذا قمة التهريج؟!