النهي عن تمكين صاحب البدعة من الجدال

حَدَّثَنا أَسَدٌ قالَ: حَدَّثَنا أبو إسْحَاقَ الحَذَّاءُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قالَ: لا تُمَكِّنُوا صَاحِبَ بِدْعَةٍ مِنْ جدالٍ فَيُوَرِّثَ قُلُوبَكُم مِنْ فِتْنَتِهِ ارتياباً.


--------------------------------------------------------------------------------


لا تمكنه من قلبك، اجعل قلبك هذا أعظم شيء يتقي الله عز وجل، لا تمكنه من قلبك لا ببحث تقرأه، ولا بكلمة تسمعها، ولا بمجالسة، إذا عرف أنه صاحب بدعة فلا تمكنه من قلبك، وإنما مكن للوحي من قلبك، مكن قول الله، قول رسوله صلى الله عليه وسلم، قول السلف، قول الصحابة، اقرأ البخاري، اقرأ مسلم، حتى يقوى النور في قلبك.

كما قال ابن القيم، بعض الناس النور في قلبه مثل الضوء، نور لا إله إلا الله في قلبه مثل الضوء الضعيف، ثم أشد أشد أشد يقوى يقوى بموالاة الوحي والآثار عليه، حتى يصل بعض الناس النور في قلبه مثل الشمس المحرقة، لا تقترب منها شبهة إلا احترقت، نسأل الله من فضله.

هذا كيف يكون النور في قلبك مثل الشمس؟ بالمداومة على سماع القرآن بتأويله وتفسيره والسنة والآثار وطريقة السلف، وسير الصالحين، حتى يقوى يقوى النور في قلبك، أما الآن تمكنه من قلبك تعطيه قلبك على طبق من ذهب حتى يضع فيه ما يشاء - نسأل الله العافية والسلامة - تقرأ بحوث كلها زيغ، وكلها عمومات ومتشابه ومجمل، ثم تقول والله، انظروا الآن - نسأل الله العافية.

الذين شاركوا في الدماء في هذه البلاد وفي غيرها، تجد أول سببها أنه يمكن أصحاب الأهواء من قلبه، جالسهم ثم شبهوا عليه بالعمومات وبالمجمل وبهذا، ثم صاحبهم حتى في سفك الدماء، لن تجد شخصا بدأ مباشرة معهم إنما - يعني قفز إلى الدماء - وإنما مكنهم من قلبه حتى وقعت الشبهة في قلبه.

الحل الوقاية خير من العلاج كما قال السلف، دعهم عنك ولا تجادل بل كما قال الله ورسوله.

والعافية لا يعدلها شيء، وأعظم العافية العافية في الدين، كونك معافى في دينك تحيا على الإسلام والسنة، وتموت على الإسلام والسنة هذه هي الكرامة، والعافية لها أسباب النبي عليه الصلاة والسلام كل الفتن يقول: لا تقربها، ليس هذا جبنا وإنما لعقلا، الدجال أعظم فتنة، إيش يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع منكم بالدجال فلا يأتيه، فإن الرجل يأتيه وهو موقن أنه كذاب فلا يلبث أن يؤمن به .

وقال عليه الصلاة والسلام: إن الناس سيقتتلون على نهر الفرات - سيحصر عن جزيرة من ذهب هذا الفرات - قال: سيقتتل عنده الناس حتى يقتل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، وكل واحد يقول: لعلي أنا الذي أنجو وآخذ الذهب، قال: فمن سمع منكم بذلك فلا يأتيه .

ربما يدركنا ذلك، بما ندرك الدجال أو ندرك هذا الذهب، من سمع منكم بذلك فلا يأتيه، لا تأتيه؛ لأنك إن استشرفت الفتنة جرفك التيار؛ ولذلك في الفتن: النائم المضطجع خير من الجالس، والجالس خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من المسرع فيه، وحتى يبلغ الأمر بالشخص أن يخرج من البلد كله كما فعل سعد بن أبي وقاص، لما رأى الفتنة خرج من البلد، ثم قال علي بن أبي طالب بعد عشرين سنة: " لله منزل نزله سعد بن مالك " يثني عليه بهذا الاعتزال؛ لأنهم يفرون بدينهم من الفتن.

نسأل الله ألا يفتنا في الدنيا، ونسأل الله أن يثبتنا على الإسلام والسنة، وأن يقينا مضلات الفتن، إنه ولي ذلك والقادر عليه ولكم إن شاء، وإن شاء الله سنتمكن من ختم هذا الكتاب في هذه الدورة بإذن الله تعالى، نعم، إذا كان فيه سؤال أو سؤالين، لا نطيل الإخوان.

س: أحسن الله إليكم، يقول: كيف نوفق بين اعتزال أهل البدع وعدم مجالستهم وبين أنه ينبغي لأهل السنة أن يدعوا الناس إلى التمسك بالدين والتمسك بها؟

ج: نعم، يريه السنة وينشر السنة في المساجد وفي أماكن أهل السنة لكن إظهار السنة لا يعني مجالسة أهل البدع. نعم.

س: يقول أحسن الله إليكم: كيف نجمع بين عظم المناقشة في أهل البدعة لجميع الناس وبين مناقشة ابن عباس الخوارج، ومناقشة شيخ الإسلام لأهل البدع؟

ج: نعم، العالم إلِّي مثل ابن عباس يأتيهم ويناقش ويبين الحجة، إذا وصلت إلى مستوى ابن عباس أو كنت عالما متمكنا ما في بأس، العالم يرد عليهم شبهاتهم، أما بقية الناس وطلاب العلم يصاحبونهم لأ، ولا تناقش إلا إذا رسخت قدمك في العلم، ولذلك أقول: قبل أن تسمع شبهاتهم اسمع الوحي حتى تصل به إلى درجة اليقين.

س: أحسن الله إليكم، يقول: الإعراض عمن خالط أهل البدع أو كان متبعا الإعراض عنه ألا يخالف حديث الهجران: لا يهجر أحدكم أخاه فوق ثلاثة أيام

ج: لا، الهجر لثلاثة أيام هذا الهجر لأمر الدنيا، أما إذا كان لأمر الدين فلا يقتصر على ثلاثة أيام، النبي عليه الصلاة والسلام هجر كعب بن مالك خمسين ليلة لأمر الدين، هجر كعب بن مالك خمسين ليلة، ولولا أنه نزلت توبته لاستمر في هجره، فالهجر لأجل الدين لا يتقيد بثلاثة أيام، إنما هو لأجل الدنيا، إذا كان سوء تفاهم لأجل الدنيا لا يتجاوز ثلاثة أيام. نعم.

س: أحسن الله إليكم يقول بعض الشباب: اعتادوا أنهم في كل يوم عرفة يذهبون عشيته في نزهة برية، يدعون الله عز وجل في وقت العصر؟

ج: نعم، إذا كان على وجه المداومة لا يصح، إذا كانوا اتخذوها سنة كل سنة لا يصح، أما إذا فعلت أحيانا - كما قال شيخ الإسلام - إذا فعلت أحيانا أو لعارض أو على غير وجه المداومة فإن هذا يسوغ فيه الاجتهاد، والأولى الكف عن هذا حتى لا يحدث للناس بدع، وإنما في بيتك أو في مسجدك وتعبد الله وتذكره حتى تغيب الشمس، نعم.

س: فضيلة الشيخ يقول: أحسن الله إليكم، ما رأيك في كتاب " حياة الصحابة " لمحمد إلياس لمحمد إلياس؟

ج: يغني عنه -إن شاء الله- كتب السنة، كتب السنة الصحيحة تغني عنه بأذن الله؛ لأن فيه صحيحا وفيه خطأ، وفيه كذبا وفيه أشياء موضوعة، وفيه حقا فخذ الحق الصافي، خذ سيرة الصحابة وحياة الصحابة من كتب أهل السنة الصافية، مثل لو خيرت بين ماء عكر وعندك ماء صاف. نعم أحسن الله إليك.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.