وبعيدا عن مشاعر الحزن وعن الوهم الذي اختلط بالحقيقة وعن " الفوبيا " التي خلفتها تلك الروايات بصرف النظر عن صحتها او بطلانها ، فأن المحققين يميلون حاليا لنظرية ان السطو المسلح كان هو الدافع الرئيس وراء تلك الجريمة البشعة ،حسبما اشار المدعي العام لمقاطعة " هدسون " ادوارد ديفازو الذي قال : " ان السرقة دافع رئيس وراء تلك الجريمة" مشيرا الى انه لم يتم العثور على اية مجوهرات او نقود في منزل العائلة القتيلة بعد الجريمة .
حيث عثر رجال الشرطة على محفظة الاب حسام خالية من النقود بالقرب من جثته ، كما لوحظ انه قد تم تفتيش جيوب جميع الضحايا لدرجة ان القاتل او القتلة قد ترك الجيوب متدلية بـ " المقلوب " اضافة الى أن محفظة ألأم كانت خالية من اي شيء.
الاهم من ذلك كله هي تلك المعلومات التي اشارت الى أن العائلة القتيلة كانت قد تعرضت لعملية سرقة نقود و مجوهرات السنة الماضية وفي مثل هذا الوقت تقريبا ، حسبما اشارت سجلات الشرطة ، كما تعرض منزل احد الجيران لعملية سرقة قبل اسبوعين من وقوع الجريمة ايضا ، وهو الامر الذي جعل رجال التحقيقات يميلون الى أن الدافع وراء تلك الجريمة هو السطو المسلح مع عدم استبعاد اية خيارات اخرى خصوصا وأن معلومات تلقتها شرطة المدينة من بعض القيادات القبطية اشارت الى أن الراحل " حسام " كان يجري مناقشات دينية عبر " البال توك " على شبكة الانترنت مع بعض الاسلاميين ، كانت تتطور في بعض الاحيان الى ملاسنات وتهديدات، حيث اكد مقربون من العائلة المنكوبة أن الاب القتيل قد تعرض لتهديد بالقتل قبل حوالي شهرين من شخص على شبكة الانترنت بعدما كتب تعليقا انتقد فيه الديانة الاسلامية.
المدعي العام دي فازيو من جهته علق على هذه الروايات قائلا : " ان هذه الاشاعات والاقاويل لم تخرج من رجال التحقيقات او من اية جهة او سلطة قانونية وان التحقيقات تسير على قدم وساق لمعرفة ملابسات الجريمة ، وانه ليس لدية اي سجل يشير الى ان القتيل قد تعرض للتهديد . واضاف " تستطيع عائلة الاسرة القتيلة ان تتحدث فيما تشاء بكل حرية ، لكن ليس لدينا اي دليل حتى الان على وجود دافع ديني وراء تلك الجريمة .
وقال : " الدافع الديني مازال في دائرة الاحتمالات ، ولكنه غير مؤكد ولا نستطيع الجزم بأنه كان وراء الجريمة " وهو الامر الذي اكده ايضا مكتب المدعي العام حينما قال : " اذا كان لدى هؤلاء الذين يتحدثون عن دور لمجموعات ارهابية في الجريمة اي دليل فعليهم أن يقدموه لنا حتى نتخذ اجراءاتنا بناء على تلك الادلة والبراهين " !!
وكذلك تشير الدلائل الى أن الجريمة قد وقعت في وقت متقطع بناء على حقيقة انه تم العثور على جثث الضحايا في اماكن متفرقة من المنزل مكممة افواههم ومكبلة ايديهم ،وبنفس طريقة القتل البشعة .
المحققون يعتقدون انه كان هناك اكثر من مجرم قاموا بارتكاب هذه الجريمة ، ولكنهم في الوقت ذاته لا يعلمون لماذا لجأ القتلة الى هذا الاسلوب الوحشي في تنفيذ جريمتهم، وقال محقق يتابع القضية : " هنالك قتلة غالبا لا يتصرفون بشكل عادي ".
الانبا " ديفيد "... صوت العقل يجب ان يسود
وبالعودة الى الحديث عن الدافع الديني من انه كان وراء الجريمة ، التي انتشرت بشكل محموم بين ابناء المجتمع القبطي – المصري في "جيرسي ستي " جراء تصريحات الدكتور منير داود رئيس المؤسسة القبطية – الامريكية التي اطلقها امام مئات من انصار الكنيسة القبطية الذين تجمهروا في كنيسة جورج شنودة القبطية الارثوذكسية ، فقد وقف الممثل الرسمي للكنيسة القبطية واعلى مرجعية دينية للاقباط في امريكا الانبا "دافيد" موقفا حازما من هذة القصة حينما طالب الجميع بالتهدئة وانتظار التحقيقات الجارية لمعرفة القتلة ودوافع الجريمة ،مناشدا الجميع السماح لرجال الشرطة بانهاء تحقيقاتهم من اجل معرفة الحقيقة .
وحينما سئل الانبا " ديفيد " من قبل وسائل الاعلام عن دوافع هذه الجريمة البشعة ومن الذي يقف وراءها قال : " لا نستطيع ضرب التكهنات بهذا الشكل ونحن ننتظر من رجال الشرطة أن يخبرونا حقيقة ما حدث ... دعوهم ينهوا عملهم اولا "
الجاليات المسلمة تشارك في الجنازة
بعد ثلاثة ايام من اكتشاف الجريمة ، كان يوما استثنائيا بكل ما في الكلمة من معنى ... الالاف توافدوا على القاعة التي اجريت فيها مراسم الدفن ليشاركوا العائلة في مصابها ... عشرات ابناء الجالية المسلمة كانوا هناك .... مئات المشيعين وقفوا في العراء وسط جو بارد وماطر ليعبروا عن تضامنهم مع ابناء الجالية القبطية والمصرية وشجبهم وادانتهم لهذة الجريمة البشعة .
الشيخ طارق حضر معزيا وخرج بحماية الشرطة!!
في الوقت الذي حضر فية العديد من ابناء الجالية المسلمة مراسم التأبين وقدموا فية مراسم العزاء لال الفقيد ولابناء الجالية القبطية المسلمة في قاعة التشييع ، وكان كل شيء يشير الى ان الامور تسير على خير ، وقبل حوالي نصف ساعة تقريبا من انتهاء مراسم التشييع كان الشيخ " طارق يوسف " امام مسجد " اولي الالباب " في بروكلن بزيه التقليدي " العباه والغترة والدشداش " فد شق طريقة نحو ال الفقيد الذين يقفون بجوار النعوش لتقديم العزاء لهم ممثلا عن رجال الدين الاسلامي،
وقبل ان يأخذ " الشيخ " مكانة امام النعوش حتى تعالى الهمس وتحول الى صراخ وشتائم بدأته سيدة يبدو انها لم تتمالك اعصابها حينما شاهدت " عالم دين مسلم" يشارك في مراسم التشييع جراء التعبئة الاعلامية المتتالية من ان من ارتكبوا تلك الجريمة هم مسلمون، حيث بدأت تلك السيدة تكيل الشتائم للشيخ وتطالبة بالخروج من القاعة !! وما هي الا لحظات ، حتى انضم اليها العشرات الذين ارتفعت اصواتهم وتعالى صراخهم بضرورة " طرد الشيخ " من القاعة وسط عبارات تقول بأنه " ارهابي " وأنه " يقتل القتيل ويمشي في جنازتة " ، وحينما بدأ الامر بالتطور وكاد الشيخ ان يتعرض لمحاولة اعتداء جسدي من قبل بعض الحضور حتى قام " ايمن جرس " شقيق القتيلة" امال " وحمى الشيخ صارخا في الجميع : " أنه ضيفي ، وفي كنيستنا .. ولن اسمح لاحد بأن يتعرض له ".
وحينما لم تفلح نداءات " ايمن " في اعادة الهدوء للقاعة ثانية ، قام الانبا " ديفيد " - اعلى سلطة دينية قبطية في امريكا الشمالية -وطلب من الجميع الهدوء والسكوت ، مذكرا بأن السيد المسيح " قد علمنا ان نحب الجميع " الامر الذي صفق له الحضور والتزموا الهدوء والصمت بعده ، فيما قام احد الكهنة عن مقعدة واجلس فية الشيخ " طارق " في المنصة الرئيسية للتأبين .
وقبل نحو ربع ساعة من انتهاء المراسم دخلت قوة من عناصر الشرطة - بناء على معلومات تلقتها - الى داخل القاعة واصروا على مرافقة الشيخ طارق لتأمين سلامته ولمنع اي احتكاك قد ينجم اثناء خروج الجثامين من القاعة باتجاه المقبرة واحاطو به من كل جانب اثناء خروجة وسط الجموع الخفيرة من الناس المشحونين بالعواطف وبالاشاعات التي راجت عن دور مفترض للاسلامين في تلك الجريمة ، واصر رجال البوليس ان يصطحبوا الشيخ في سيارة تابعة لشرطة المدينة بعدما ثار اللغط ثانية وتعالت صرخات المشيعون المطالبة بالانتقام .
وفعلا رافقوه تحت الحراسة حتى ابلغوه مأمنه الذي اختاره في " جيرسي ستي " لان الشرطة لا تستطيع ايصاله الى بروكلن بحسب تعليمات الولاية "
تأبين لم يتم... والجالية المسلمة مصدومة !!
في الوقت الذي ابدت فية الجالية الاسلامية غضبها وسخطها من هذه الجريمة البشعة التي استهدفت واصابت ابناء الجالية العربية كلها بغض النظر عن دينها او معتقداتها ، ابدى عدد من رجال الدين الاسلامي استغرابهم من ان تصل الامور الى ما وصلت الية من كيل للتهم قبل ان تظهر نتائج التحقيقات .
وقال زعماء مسلمون في مدينة "باترسون انهم كانوا ينوون ان يشاركوا بوفد يزيد عدده على خمسين شخصا في مراسم تشييع الجثامين لتقديم التعازي لأهالي القتلىولابناء الجالية القبطية والمصرية في الولاية ، الا انهم عدلوا عن الفكرة بعدما اتصلوا بالانبا " ديفيد " الذي شكرهم على هذه البادرة ، وبالغهم بأنه لا يستطيع ضمان ردة فعل الحضور الذين تحركهم في هذه اللحظات العصيبة عواطفهم ومشاعر الحزن والغضب .
الشيخ " محمد قطناني " امام المركز الاسلامي في مقاطعة باسيك قال لـ " البلاد " كنا نريد ان نشارك ابناء الجالية العربية مصابهم ، ونعرب لهم عن ادانتنا لهذه الجريمة البشعة ، الا اننا اكتفينا بعقد مؤتمر صحفي بناء على نصيحة من المرجعية القبطية بعدم المشاركة حتى تهدأ النفوس ،.. مؤتمر اعلنا فيه موقفا واضحا وادنا فية تلك الجريمة البشعة ، وطالبنا فية بتقديم المسؤولين عنها للعدالة بصرف النظر عن دينهم او معتقداتهم .
ويضيف القطناني " اننا واذ نشعر بالالم لما حدث ، فأننا نناشد جميع ابناء الجالية العربية اخذ الامور بالحكمة وتفويت الفرصة على اولئك الذين يتربصون بنا ويودون لو انهم يشعلوا نار الفتنة بيننا كجالية واحدة لديها من اسباب التجمع والالتقاء اكثر بكثير مما لديها من عوامل الفرقة والتنافر .
وتابع القطناني قائلا : اناشد اخواني ايضا ان ينتظروا نتائج التحقيقات لتبين القاتل او القتلة ،الذين هم مدانون من قبلنا من اي ملة كانوا.
ويرى المراقبون أن اكتشاف هذه الجريمة يجل أن يكون عبرة لمن تسول له نفسه أن يسكب الزيت على النار ويشعل فتيل فتنة طائفية بين أبناء الشعب الواحد المتحاب عبر آلاف السنين